أجمع أكاديميون ومؤرخون أهمية الدور الذي أداه الشهيد القائد محمد بلوزداد في بلورة الفكر النضالي العسكري ضد الاستعمار الفرنسي، مشدّدين على أنّ الثورة الجزائرية المجيدة ولدت من رحم المنظمة السرية التي أسسها هذا الأخير.
قال الباحث في التاريخ عامر رخيلة في ندوة تاريخية نظمتها جمعية مشعل الشهيد تخليدا لذكرى وفاة الشهيد محمد بلوزداد بيومية “المجاهد”، إنّ القائد محمد بلوزداد تميّز بحالة ثورية متقدمة لم تكن لدى غيره من المناضلين، عرف بكرهه الشديد للطغيان ودعواته المتكررة لمحاربة الظلم عن طريق ما يمكن تسميته “بالعنف الثوري “ضد قوى الاستدمار” والأنظمة الدكتاتورية الاستعمارية وضد كل أشكال التسلط والجبروت.
وتابع رخيلة “ آمن محمد بلوزداد بشيء وهو أنّ استرداد الحقوق والتغلب على الطغيان، لن يكون إلا عن طريق النضال وتنظيم الصفوف، حيث عمل على تجسيد هذا المبدأ على أرض الواقع، من خلال انخراطه في صفوف “حزب الشعب الجزائري “خلية بلكور” خلال سنوات الحرب العالمية الثانية وبالتحديد في سنة 1943.
اتسم محمد بلوزداد بدرجة كبيرة من التنظيم وقدرا كبيرا من الحنكة والقدرة على القيادة وترتيب المهام، حيث كان يضرب به المثل في التضحية وحب الوطن هذه الميزات خوّلته لأن يصعد سريعا لقيادة حزب الشعب الجزائري، ويؤدي دورا كبيرا في تنظيم مظاهرات 08 ماي 1945 وطرح القضية الجزائرية بشكل مختلف عما كانت عليه في السابق.
ولما قررت قيادة الحزب، في ماي 1945، يضيف رخلية توسيع الحركة الثورية كان بلوزداد من بين القيادين الأوائل الذي عمل على نشر فكرة الحركة الوطنية في جميع أنحاء الوطن بعدما كانت مقتصرة فقط في العاصمة، هذا ما جعله موضوع متابعة من قبل الشرطة الاستعمارية.
قدرة بلوزداد على الهيكلة والتنظيم وتجنيد الشباب للعمل النضالي، دفعت قيادات حزب الشعب الجزائري تكليفه تأسيس وإنشاء المنظمة الخاصة أو السرية عقب مؤتمر الحزب في فيفري 1947 والذي أصبح يسمى بعد هذا التاريخ بحركة انتصار الحريات الديمقراطية.
وبعد تعيينه مباشرة اتصل بلوزداد بالمناضل رقيمي جيلالي وناقش معه هيكلة المنظمة السرية وكيفة تأطيرها بالعاصمة، كما قام بتعيين كل من احمد بن بلة، وآيت احمد، ومحمد بوضياف والحاج الجيلالي ومحمد المروك كقادة على الولايات التالية وهران، الشلف، قسنطينة.
من جهته، قال الأستاذ محمد زغيدي أنّ الحديث عن أبي الثورة الجزائرية محمد بلوزداد، يدعونا للوقوف عند محطتين من حياته الأولى وهي رمزية ميلاده، حيث ولد في 03 نوفمبر وظل يناضل لسنوات لتحقيق حلمه وهو الانطلاق في النضال العسكري ولكن مشيئة الله قدرت أن يتحقق الحلم في 01 نوفمبر ولا يكون حاضرا فقد وافته المنية بعد مرض عضال توفي على إثره، في سنة 1952.
المحطة الثانية حسب زغيدي والتي تمكن فيها محمد بلوزداد وفي سنّ مبكرة من تكوين نخب وطنية في “بلكور”، واستجاب لنداء الحركة الوطنية التي استطاعت أن تهيكل جيلا وطنيا كاملا في مرحلة الأربعينيات ويتجدد ما قام به المؤسسون خلال الحرب العالمية الأولى وما بعدها، ليأتي المجدّدون وعلى رأسهم محمد بلوزداد الذي منحنا نموذجا قياديا فريدا من نوعه أول ما ركز على الشباب، فكان بلوزداد قائدا على الشباب في “بلكور” وقائدا عاما لشبيبة الحزب وهو ما أهله ليصبح قائدا ومنظرا وموجها للشباب الجزائري الذي خرج في مظاهرات 08 ما ي 1945.
وتابع زغيدي بعد اكتشاف الدور الذي كان يقوم به بلوزداد في هيكلة الشباب وحثه على العمل النضالي، انتقل إلى الشرق الجزائري، حيث بدأ في هيكلة جديدة على مستوى هذه المنطقة إلى غاية 1949 وجدد معها هياكل الحزب، وانطلق في العمل السري لإنتاج فكري لأبجديات المرحلة القادمة.
بعد مؤتمر حزب الشعب الجزائري أسندت مهمة تشكيل المنظمة السرية لمحمد بلوزداد وبالتالي يمكن اعتباره أول قائد وأول مؤسس لأول إطار نظامي لجيش التحرير الوطني الجزائري، وعليه يمكن القول إنّ محمد بلوزداد هو أبو جيش التحرير الوطني والثورة وأبو نوفمبر بدون منازع.